الكاتب والقارئ: حوارٌ لا ينتهي بين طرفي الإبداع
بين سطور الكتابة ودهشة القراءة
يظنّ البعض أن الكاتب هو من يمنح الحياة للكلمات، بينما القارئ هو من يكتفي بتلقّيها. لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير؛ فالكتابة لا تكتمل إلا حين تجد قارئًا يصغي لها، والقراءة لا تُثمر إلا حين تلتقي بنصٍّ صادق النبض، نابعٍ من تجربة إنسانية حقيقية.
كل كاتبٍ كان في بداياته قارئًا مهووسًا، يحمل في داخله مئات الأصوات، وآلاف العوالم التي سكنت خياله. ومع مرور الوقت، تتكوّن لديه لغة خاصة، مزيج من كل ما قرأه وما عاشه وما حلم به.
📖 القراءة: الوقود الأول للكاتب
القراءة ليست ترفًا لمن يريد أن يكتب، بل هي ضرورة وجودية. فالكاتب الذي لا يقرأ، كمن يحاول أن يعزف لحنًا دون أن يسمع الموسيقى من قبل.
من يقرأ يتعلّم كيف تُبنى الجملة، وكيف يُنسَج المعنى بين السطور، وكيف يمكن لكلمة واحدة أن تهزّ وجدان إنسان.
ولذلك، كل كاتبٍ عربيٍّ يبدع اليوم، هو امتداد لتاريخ طويل من القرّاء الذين سبقوه، والذين جعلوا من القراءة عادةً يومية، لا هواية عابرة.
🖋️ الكتابة: محاولة لترميم العالم
أما الكتابة، فهي ليست مجرّد حروف على ورق، بل فعل مقاومة ضد النسيان.
يكتب الكاتب كي يتذكّر، وكي يمنح الآخرين فرصة أن يشعروا أنهم ليسوا وحدهم في هذا العالم.
الكتابة إذن ليست مهنة فقط، بل مسؤولية تجاه القارئ، وتجاه الذات، وتجاه الحقيقة.
🌟 في زمن السرعة… ما الذي يبقى؟
في عالمٍ يزدحم بالمحتوى السريع والمقاطع القصيرة، تبدو القراءة فعلًا من أفعال التمرّد.
لكن هذا التمرّد هو ما يمنحنا عمقًا إنسانيًا نفتقده في ضجيج اليوم.
وما زال الكاتب والقارئ، رغم كل التغيرات، يلتقيان في نقطة واحدة: الرغبة في الفهم، والبحث عن معنى.
💬 خلاصة المشرق
في المشرق، نؤمن أن كل قارئ يحمل في داخله كاتبًا محتملًا، وأن كل كاتبٍ عظيم يبدأ من لحظة دهشةٍ أمام كتابٍ غيّر نظرته إلى العالم.
اقرأ أكثر، واكتب بصدق، فالعلاقة بين الكلمة ومن يقرؤها… هي ما يصنع الخلود.

تعليقات